Wednesday, November 3, 2010

العفو عند المقدرة

العفو عند المقدرة

by Alain Safa on Monday, November 1, 2010 at 8:43pm

العفو عند المقدرة جملةٌ تحمل في طياتها الكثير من القوة والقليل من الجبن

أن تعفو عن شخص تأذيت منه وذرفت دموعاً كثيرة بسببه عندما تكون في أوج قدرتك للثأر منه ،ليس إلا دليلاً دامغاً على قوتك .

أن تكون في مركز يخولك على سحق رأس ذاك الشخص وبالرغم من ذلك تقول له إنهض وارحل ..أني أشفق عليك ولحالتك المذرية ..اني سامحتك

لا اكتب عن الخيال ولا عن مدينة أفلاطون الفاضلة أني اكتب عن شاب نروجي إستشهد أبيه الشرطي خلال مطاردته للصوص سرقوا بنك النروج الوطني سنة ٢٠٠٦

هذا الشاب أذهلني عندما تحدث عن الحادثة وكيفية تعامله مع الأحداث وخسارته الكبرى لابيه الذي كان مثاله الأعلى في الحياة .

يقول هذا الشاب الذي يعمل كاطفائي ... عندما وصلني الخبر عن اقتحام اللصوص لبنك النروج الوطني قلت في قرارة نفسي ..أرجو أن يقبض عليهم أبي الذي هو رئيس شعبة مكافحة الأرهاب في أوسلو . وبعد أقل من نصف ساعة يأتي رفاقٌ لي في سيارة الأسعاف ليخبروني بأن أبي قتل خلال مطاردته للصوص ، وكانوا متأثرين جداً عندما أخبروني بذلك ولقد صعقت للخبر ولكني اتصلت فوراً بالشعبة التي يعمل بها أبي وطلبت منهم أن آتي لاراه حيث قتل وهو كان لا يزال داخل سيارة الشرطة .

نظرت إليه وهو يتكئ رأسه على جانب السيارة وشعرت بالفخر لان أبي استشهد دفاعاً عن النروجيين وعن أمنهم الأجتماعي .ومنذ تلك اللحظة فكرت باللصوص الذين اعتقلتهم الشرطة لاحقاً واودعتهم السجن بعد محاكمتهم بجرم السطو على البنك وقتل شرطي وكانو خمسة أشخاص وبعد سنة من الحادثة وبعد كل المحاكمات طلبت من إدارة السجن ترخيص ليمكنني أن أقابلهم وكتبت لكل منهم رسالة شخصية شرحت فيها لماذا أريد أن أقابلهم ووصلني الجواب بالقبول من الجميع . وكانت لحظات عصيبة قبل أن أصل إلى السجن لمقابلتهم ولكن تبخر كل هذا الأضطراب عند وصولي والجلوس معهم والسماع لسيرة حياتهم وكيف وصلت الأمور بهم إلى السطو والجرام والقتل والسجن ؟

كانت المقابلات معهم ذو قيمة ثمينة بالنسبة لي وبالرغم من خسارتي لأبي الذي أحبه كثيراً قررت أن لا أترك الحقد يعمي قلبي وأن لا أصبح أسيراً لجريمة قتل ذهب ضحيتها أبي ولا أريد أن أكون أنا كذلك ضحية فقررت أن أفهم لماذا وأن اسامح لكي يكون ضميري مرتاح ولكي اساعد الفاعلين على التوبة لكي لا يسقط ضحايا آخرين في المستقبل.وعندما خرجت من المقابلات أحسست بأن ثقلٍ كبير سقط عن كاهلي وأردت أن اطبع تجربتي هذه في ذهن أطفالي لكي يكون لديهم قلباً أكبر من ذاك القلب المنكسر عندما يتعرضون في المستقبل لاي نوع من أنواع الجريمة .وآخر كلمةٍ أقولها لكم ..لولا إيماني الكبير بالرب المسامح لما قدرت أن اسامح .هذا ما قاله الشاب النروجي مساء أمس في مقابلة تلفزيونية كانت الأعين والقلوب كلها مشدودةً إليها .

كفانا ثأراً وحقداً ... لنتمثل بالرب المسامح ولنسامح بعضنا البعض ولننظر سوياً نحو المستقبل

المسامحة لا تعني بأن المجرم لن يعاقب ولا تعني بأن المسامح لن يطالب بحقوقه القانونية .المسامحة تعني أن لا نحقد ولا أن نكره الفاعل بل نكره ما فعله .

لبنان بحاجة ماسة للتسامح ولعدم بنش القبور ولترك الأموات راقدةً بسلامٍ في قبورها وبحاجةٍ لكي نصنع مستقبلٍ أفضل لأطفالنا وللاجيال القادمة

إن كان هذا الشاب سامح من قتل أبيه بعد صدور الحكم عليهم ،أفلا يجدي في البعض أن لا يتهموا أشخاصاً لم يحكموا ولم يحاكموا بعد ؟

ألا يجدي بالبعض أن يرفض بأن يتهم الأبرياء وأن يكون الأتهام سبباً بقتل الآف الأبرياء ؟

لعل الضمير يصحوا ويتعلم من ذاك الشاب النروجي الذي قرر أن لا يجعل جريمة قتل أبيه أن تصبح زنزانته الأبدية

The name of the Norweigen man is Kjetil Klungland.


No comments:

Post a Comment