Sunday, November 14, 2010

الأيدز المذهبي و الطائفي

كنت اقرأ اليوم مقالة عن الأيدز في النيويورك تايمز رأيت فيها أوجه كثيره من ألتشابه مع مرض الأيدز الطائفي الذي حصد مئات الآلاف من اللبناننين ومرشح لان يحصد المزيد في القريب العاجل إن لم نعي خطورة حالتنا أللاصحية والمميتة ،ولذلك أردت أن اشارككم بهذه المقاله التي تقتبس بعض ما كتب في النيويورك تايمز عن المرض بحد ذاته وتشبيهي الشخصي لمرض الأيدز المذهبي و الطائفي .

الآن صفا

٢٠١٠/١١/٠٦

أن ترى النور في عالم ينتظرك بشوقٍ كبير ليفتح لك آفاقاً أكبر وليجعل من أحلامك واقعاً ،هو شيٌ رائعٌ وجميل جداً ، هذه هي الحياة التي من المفروض أن تنتظر كل طفلٍ يولد على هذه الأرض ،ولكن الواقع شيء والحلم شيئاً آخر .

من المسلمات والبديهيات أن يرعى الأهل طفلهم وأن يغمرونه بالحنان والمحبة ويشعرونه بالطمأنينة والسلام والفرح ويدعمونه جسدياً و عاطفياً و روحياً ونفسياً وأخلاقياً ومادياً حتى يصبح إنساناً راشداً يملك تلك المواصفات التي غرسها به أهله من الطفولة ، ولكن كيف الحال إن ولد هذا الطفل في عائلة مصابة بمرضٍ قاتل وهو الأيدز؟.

الكثير من الأهل المصابين في مرض الأيدز يجبرون على إعلام طفلهم بالحقيقة المرة وهو في سن صغير جداً كما هي الحال مع الشاب توم كوسغروف في الولايات المتحدة الذي هو أكثر الأشخاص المصابين الذين عاشوا لسن العشرين ويعتبر من أحد أكبر المسنين المصابين في الأيدز وما زال على قيد الحياة .

سمع توم أمه وأبوه يقولون له نحن آسفين جداً لنعلمك بأنك مصاب بمرض الأيدز مثلنا نحن وبأننا نحن سنموت قريباً وفي حالتك أنت من الممكن أن تعيش كحدٍ أقصى لسن العاشرة .

هل يكنكم تصور ردة الفعل عند توم وشدة تاثير هذه المعلومات على تصرفاته المستقبلية ؟

لم يمر وقت طويل على توم لكي يرى بأم عينه كيف بدأ أقاربه وجيرانه المصابين بنفس المرض بالموت تدريجياً ولم يمر فترة طويلة حتى مات والديه واخيه الصغير ولم تكن ردة فعله مستغربه عندما بدأ يتصرف بشكلٍ عنيف في المدرسة وبدأ يضرب المعلمة ورفاقه في الصف الذين رفضوا أن يجلسوا بجانبه وعاملوه بطريقة جعلته يشعر بأن منبوذ وغير مرغوب فيه .

أصبحت تصرفات توم تنتقل من سيء إلى أسوأ والأدوية التي كان يتناولها زادت الطين بلة لانها كانت تأثر بطريقة سيئة على ذاكرته وتضعفها يوماً بعد يوم مما سبب له الصعوبات في أن يتذكر الدروس في المدرسة وجعلت منه غبياً كما قالت له أحدى الممرضات يوماً عندما رفض أن يأخذ تلك الأدوية ..أما أن تموت بدون دواء ،أما أن تأخذ دوائك وتصبح غبياً ..عليك الأختيار بين الأثنين .وكيف له أن يختار الموت وهو أبن العاشرة ؟

لماذا اخترت مرض الأيدز لاتكلم عن المرض الجماعي الذي أصابنا نحن اللبنانيون منذ فترةٍ ليست بقليلة ونحن كما توم جميعنا رأينا ماذا حصل لاهلنا ولرفاقنا واخوتنا في الطائفة والوطن .

عندما تولد في مجتمع مصاب بالايدز الطائفي وتسمع أهلك منذ نشأتك يتكلمون بلغةٍ طائفية عن المرض وكأنه بركةٌ الاهية وعلمت بأنك أنت أيضاً مصاب بهذا المرض بالوراثة وليس بالممارسة كونهم هم مارسوا الطائفية واخذوا المرض وأنت ما زلت طفلاً بريئاً لم تمارس الفحش الطائفي لكي تصاب به .

بدأت تكبر وترى ما أخبرك أهلك عن حتمية حصوله في المستقبل القريب .رأيت أصدقائك وأقاربك وأهلك يموتون الواحد تلو الآخر بسبب هذا المرض الطائفي .

أخبرني ارجوك ماذا كانت ردة فعلك وماذا كان شعورك عندما عاملك الآخرون بطريقة عنصرية ورفضوا أن يساوونك بهم وأن تجلس بجانبهم لانك من طائفةٍ أخرى؟

ماذا كان تأثير الأدوية التي أعطاك اياها زعمائك الطائفيين على ذاكرتك وعلى درجة الذكاء عندك وهل ما زلت تذكر كل الكوارث التي حصدت الملايين من اخوانك البشر بسبب هذا المرض الطائفي أم أنك تأخد دوائك لانك تفضل أن تعيش طائفياً غبياً على أن تموت علمانياً ؟

وأخيراً ..أخبرني أرجوك إن كنت تحب هذا الأيدز الطائفي و هل هذا الحب يستأهل منك أن تضحي بحياتك لاجله ، أم أنك ستقاوم هذا المرض الخبيث بكل ما أوتيت من قوة لكي تشفى أنت وتشفى الأجيال القادمة من بعدك ؟

مهما كان جوابك على أسئلتي ،عليك أن تعلم يا أخي اللبناني بأن أول خطوة على طريق الشفاء هي أن تبدأ من أن نعترف جميعنا كلبنانيين بأننا مصابون جميعنا بهذا المرض وبحاجةٍ ماسة للعلاج العلماني وليس للادوية الطائفية التي تجعلنا أغبياء وتفقدنا ذاكرتنا ، و علينا أن نفهم بأننا نواجه خطر الموت المحتم في أية لحظة إن لم نبادر فوراً لاتخاذ أقصى أنواع التدابير والأجراءات الصارمة لوقف تدهور جهاز المناعة الوطنية لدينا كما في حال مرضى الأيدز الذين عليهم تجنب التأثيرات الخارجية كالطقس البارد والزكام والتواجد مع أشخاص مصابين بالفيروسات القاتلة ،كذلك علينا نحن أن نتجنب التأثيرات الخارجية والرياح العاتية الشرقية منها والغربية وتجنب الجلوس أو التواجد في الأمكنة التي يتواجد فيها أشخاص طائفيون ومذهبيون وتجار ألدين وقتلة الأيمان .

أن الأهل الذين أورثوا مرض الأيدز لاولادهم يموتون عادةً أسرع من الأطفال الذين ورثوا الأيدز والسبب هو ألكآبة الناتجة عن عذاب الضمير الذي يسببه للاهل ولكن ويا للاسف لا نجد في لبنان مسئول أو زعيم طائفي عنده ضمير لذلك تراهم لا يموتون بل يورثون اولادهم الزعامة لانهم محصنون من عذاب الضمير .

الأيدز والطائفية وجهان لعملةٍ واحدة ،فالايدز هو مرض يصيب الشخص في أغلب الأوقات نتيجة تصرف أو عمل ما ، مثلاً كممارسة اللواط أو الممارسة الجنسية مع عدة أشخاص من دون وقاية أو عند نقل الدم عند إجراء العمليات الجراحية أو بسبب إصابة الأهل بالمرض ووراثته منهم ، كذلك الطائفية فيه نتيجة تصرف غبي، وعدم وعي ،وتعصب ، ومحبة وتدين لله مزيفين ، وممارسة الفحش والزنى الروحي الذي يجعلنا نميز بين أبناء طائفتنا والآخرين، والكذب على الله الذي هو محبة ولا يفرق بين مخلوقاته ولا يميز بشر عن بشرٍ آخر .

أن تولد من أبوين طائفيين يمكن أن يصيبك بالمرض لفترة حتى تصل لسن يمكنك حينها أن تميز بين الصح والخطأ وعندها لن تكون الوراثة هي سبب مرضك ،انما الخيارات التي تتخذها هي التي ستحدد شفائك أو موتك . نحن اللبنانيين شعب يحب الحياة ويحب الفرح ويعشق العيش بسلام وتعب من الحروب ولكن علينا أن نتخذ قرارات مصيرية لها تأثيرٌ كبير على إستمرارية لبنان الرسالة ، التي لن تكون رسالةً طائفية، ولن تكون ورقة نعوة لدعوة الآخرين إلى الدفن، ولا بيت العزاء .

استفيقوا يا اخواني !!! لقد حان وقت الشفاء

No comments:

Post a Comment