Thursday, November 18, 2010

عندما يشتاق القلم لكاتبته

الثالته صباحاً كان الوقت عندما أحسست بشيءٍ غريبٍ في يدي اليمنى ينخرني كإبرةٍ مسنونة ليوقظني من نومي ،أضأت النور في غرفتي لأرى قلماً يقطر دماً في يدي . تعجبت وقلت لنفسي بصوتٍ عالي ،من أين أتيت أيها القلم ؟ وكم كانت المفاجأة عندما تكلم القلم وقال لي من أين أتيت ؟ هه ، لم أصدق ما سمعته أذني واعتقدت بأني ما زلت أحلم ،لذلك قررت النهوض من السرير والذهاب إلى غرفة الجلوس ومعي القلم الذي ما زال يقطر دماً ويتكلم ...

جلست على الكنبة ونظرت إليه وقلت له بصوتٍ خافت ..من أنت ومن أين أتيت ؟

قال لي أنا القلم الذي انكتب بحبره كلماتٌ كثيرة عنك وعن غيرك .أناهو القلم الذي أنت تعشق حاملته والذي كنت استفيق كل صباح بين أناملها وتداعبني بين أصابعها وتمتصني أحياناً بشفتيها بين الفكرة.... والفكرة .

هل عرفتني ؟ سألني القلم و أمسك بأصابعي وابتدأت أصابعي تكتب أشياءً لم أفكر فيها ولم تخطر على بالي وأحسست بأنني لا اسيطر على يدي .جاوبته نعم لقد عرفتك وعرفت التي تملكك لاني اقرأ كل حرفٍ كتبته هي والآن أرى ما كتبته يدي بك يا أيها القلم ، ولكن قل لي لماذا أتيت إلي في هذا الوقت وهل تعرف هي بأنك هنا ؟

قال لي وهو ما يزال ينزف دماً والدمعة في عينيه ، هي لم تلمسني منذ أيام .لقد تحول حبري الأسود إلى دمٍ أحمر من كثر بكائي و من اشتياقي لاناملها .فهي لا تعرف كم كانت تعني لي كل مرةٍ كانت تمسكني بين أصابعها وتشد علي ،كم كنت أحس برعشةٍ تفجر ينابيع حبري وتفتح لي قلبي ،هي لا تعرف كم كانت تعني لي تلك الأوقات وألسهرات التي كنت أمضيها معها في الفراش ، و في كل مقالةٍ كانت تكتبها كان يكتب لي عمرٌ جديد وكانت فرحة كل حرفٍ تكتبها أناملها بالنسبة إلي كفرحة يوم العيد،ولكن هي لا تعرف بأني قلمٌ يعبدها ويعشقها وكم من المرات كنت أنام في حضنها لاستفيق صباحاً للعمل بين أناملها .

أرجوك أرجوك أن تفعل شيئاً أنت يا من كتبت إليك مراتٍ ومرات عن شعورها وعن أحلامها وعن فرحتها و آلامها. أجبته والغصة تخنقني لاني أرى كم هو كبيرٌ حزنه الذي بدأ يقلقني ، ولكني أعرفها جيداً فهي لا تكتب إن لم تشعر ولن تكتب إن لم تريد ولن تكتب إلا عندما يفيض قلبها وفكرها من الوريد إلى الوريد .

ولكن عندي إقتراحٌ أود عن اقترحه عليك يا قلم ... أريدك أن تسيطر على يدي اليمنى لمدة ثلاثة أيام لتكتب عنها ولها ما تشاء . ولديك مطلق الحرية أن تقول ما كان يجول في خاطرها ولكنها لم تكتبه لكي لا تسبب لك العناء ، أريدك أن تقتحم كل الأبواب وتكتب عنها كلماتها الصعاب وبهذا يمكنك أن تعيدها إليك عندما ترحل عنها الصعاب .

فكر القلم كثيراً وقال لي ...أرجوك لا تفهمني بطريقةٍ خاطئة ..أنا أريد أن أعود إلى أناملها ولا أريد أن اكتب شيئاً إن لم تكن هي من أراد كتابته بدمها ،أنا أريد أن استيقظ بين أصابعها وان أرى بريق عينيها عندما تكتب أحرفاً أسرتها بروحها وعصرتها لتجعل منها خمراً يسكرني ويسكرها ولتراقصني وأراقصها، أنا أريد أن أعود إليها لتعود لي الحياة وليعود ليصبح لون حبري أسوداً كالليل لتضيء سوادي بقمرها ... أرجوك أرجوك كلمها ...

لم أرى في حياتي قلماً مثلك ،قلتها له وشديت أصابعي عليه وطلبت منه أن يسطر اليها هذه الكلمات لكي تكون كلماته شهادةً حيةً عن كاتبةٍ يعشقها قرائها وأحبابها ويعبدها قلمها ...مباركةٌ أنت يا من يشتاق لكلماتها الأحرف وألكلمات والتي حتى لو لم تكتب إلا حرفاً واحداً ..فهو يكفي بأن يحي من كان قد مات .


No comments:

Post a Comment