Wednesday, October 27, 2010

صوت الوحش فينا

ليحب أحدكما الاَخر، ولكن لا تجعلا من الحب قيداً، بل اجعلاه بحراً متدفقاً بين شواطئ أرواحكما.

كلماتٌ قالها جبران خليل جبران لنا وهو يعرف تماماً بأن الحب لا يمكن أن يكون مرساة ولا يمكن أن يكون قيد أو قصرٌ يمكننا تملكه ووضع مفتاحه في جيبنا .

الحب المتعارف عليه في زمن الطائفية والمذهبية و السرعة والشهوة والمادة لا يمكن أن يكون حب ولا يمكن أن يكون غرام ولا عشق ولا إعجاب ،ولكن الصفة التي يعطيها البشر لكل شهوات الجسد عندما تكون تلك الشهوات كبيرة جداً وتسيطر على عقل وقلب المشتهي ،هي صفة الحب .

فمثلا الجشع يوصف بشخص يحب المال

والشخص الأناني له صفة محبة النفس

والسارق يحب ما يملكه غيره

والقاتل يحب روءية الدماء تسيل .

والطائفي يحب طائفته ولكنه ليس بالضروري أن يحب أبن طائفته

وهذا النوع من الحب لا يمكن أن يسمى حب ،انما أريد أن أعطيه تسميه جديدة وهي " صوت الوحش فينا "

نحن أولاد جبران اللبناني الذي كتب ورسم الحب الحقيقي بحبر القلب والعقل، كيف لنا أن نطور صفة المحبة الغير أنانية في عالم اناني ؟

كيف يمكننا أن نسكت صوت الوحش فينا ؟ وان ندع صوت المحبة الحقيقية يصدح في قلوبنا وتنتشي به عقولنا ؟

من أين نبدأ وهل ممكن أن ننجح في ذلك والبعض إستسلم وقال مستحيل ؟

هل من المستحيل أن ننظر إلى الشمس عند طلوع الفجر لنتعلم بأن كل يومٍ جديد تحت الشمس هو يومٌ مليء بالحياة والأحتمالات وهو فرصة جديدة للبدأ في طريقٍ أفضل ؟

.هل من المستحيل أن نتعلم من الطيور التي تهاجر إلى حيث النور والدفء وهي التي لا تملك شيئاً بأننا نحن كذلك بحاجة للنور ، نور المحبة عندما نريد أن نفعل شيئاً مهماً كما نحن بحاجة للظلمة ، ظلمة السكينة والتأمل عندما نأوي إلى الفراش لننام ؟

كفانا نزيفاً وتصحراً .

كفانا نحراً لبعضنا البعض

كفانا كذباً على أنفسنا

كل من يدعي بأنه من أبناء جبران لا يمكنه أن يدع صوت الوحش فينا أن يتكلم ولا يمكنه أن يسمع لاحدٍ يتكلم بصوت الوحش .

من منا سمع صوت الوحش على لسان أحد زعماء طائفته ورفض هذا الصوت ؟

من منا خلال سنوات الحرب الأهلية لم يدع صوت الوحش فينا يغني ويصبح قديساً واسكت صوت فيروز الملائكي ؟

إلى متى سنبقى نتقاذف التهم والوحش يلتهمنا ؟

إلى متى سنبقى ندفن روأسنا في الرمل رافضين أن نرى كيف اننا ما زلنا نرقص على صوت الوحش فينا ؟

جميعنا مسئولون وجميعنا متهمون وجميعنا ملزمون بأن نسكت صوت الوحش الجهنمي فينا

ألا يكفي كذباً وعهراً ونفاقاً مغلفاً بصفة الحب ؟

بحبك يا لبنان ...كثيرون منا قالوا وما يزالوا يقولون بحبك يا لبنان

كثيرون منا قالوا أنا أحب أخي وأختي اللبنانية من أية طائفة أو مذهب كانوا

كثيرون صادقون وفعلاً يحبون لبنان وأهله

كثيرون كاذبون وسارقون وقتلة ومصاصي دماء وما زالو يدعون محبتهم لنا نحن اللبنانيين

جبران النبي قراء الأنجيل وتعلم أركان المحبة وتشربها في دمه وكان ملهماً من السيد المسيح

اليوم يقول لنا جبران لا تجعلا من الحب قيداً، بل اجعلاه بحراً متدفقاً بين شواطئ أرواحكما

فلنجعل شواطيء أرواحنا تتدفق إليها أمواج المحبة لكي تاتي مراكبنا المهاجرة التي اشتاقت للوطن ،،وطن جبران

فما ينفعنا أن يكون لنا طائفة أو مذهب أو جنسية في بلدٍ آخر ولا يكون لنا وطن ؟

فما ينفعنا إن ربحنا العالم كله وخسرنا اخوتنا وأنفسنا وتركنا صوت الوحش فينا يمثلنا في المجلس النيابي وفي الحكومة وفي النظام السياسي المتخلف والبدائي وفي كل مفاصل الحياة.

عندما كتب جبران عن المحبة قراء رسالة الرسول بولس إلى أهل كورنثوس التي كلم بها الرسول بولس أهل كورنثوس الذين اصبحوا أثرياء وأنانيين ومتزلفين وغير محبين لبعضهم البعض بالرغم من ادعائهم بأنهم يحبون بعضهم بعضاً وأصبح عندهم صوت الوحش فينا أقوى من أي صوتٍ آخر و أصبح الصوت الوحيد الذي يصدح وكتب لهم هذه الكلمات التي اختم بها هذه المقالة لعلنا نبدأ يومنا هذا بسماع صوت فيروز بدلاً عن صوت الوحش السياسي والطائفي والمذهبي والأناني فينا .

ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن. وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم ،وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا. وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا. المحبة تتانى وترفق.المحبة لا تحسد.المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط ابدا

٢٧-١٠-٢٠١٠

الآن صفا


No comments:

Post a Comment