Sunday, August 8, 2010


Alain Safa

Dove


الأنسان الذي يعيش في هذا العصر المتطور تكنولوجياً ومتخلف إنسانياً ويفتقر إلى التسامح والأنسجام وإحترام الأختلافات بالرأي مع من هم حوله ياليته يتعلم من طيور الفرّي التي تتمتع‎‎‏ بقدرات مذهلة. فهي تطير بمنتهى الرشاقة والبراعة مثيرة عجب مصممي الطائرات. كما ‏تسافر بعض الانواع آلاف الكيلومترات فوق محيط مترامي الاطراف، فتصل الى وجهتها دون ان تخطئ الهدف.تتحلى الطيور ايضا بموهبة اخرى، موهبة رائعة تكشف المزيد عن حكمة صانعها‏: قدرتها على التواصل بواسطة التغريد وإطلاق الصيحات وتبدأ كذلك بالتواصل حتى قبل ان تبصر النور. على سبيل المثال، تضع انثى الفرّي ثماني بيضات على الاقل بمعدل بيضة واحدة يوميا. فلو نمت كل البيوض بالسرعة نفسها لفقست على مدى ثمانية ايام. وعندئذ سيصعب على الام الاعتناء بالفراخ التي عمرها اسبوع وهي لا تزال تحضن البيضة الاخيرة. ولكن ما يحدث فعلا هو ان الفراخ الثمانية تخرج معا من بيوضها في غضون ست ساعات. كيف ذلك؟ احد الاسباب الرئيسية، على حد قول الباحثين، هو ان أجنة الفرّي تتواصل واحدها مع الآخر من داخل البيوض وتنسّق بطريقة ما لتفقس في آن واحد تقريبا.

Dove

ولكن بالرغم من القدرات الهائلة التي تتمتع بها الطيور يبقى الأنسان أهم وأقدر بكثير منها فعلا سبيل المثال«يتمكن الاطفال من تعلم اللغة حتى لو ‏لم يتكلم معهم والدوهم مباشرة. حتى ‏ان بعض الاطفال الصم يبتكرون لغة ‏اشارات خاصة بهم اذا لم يجر تعليمهم ‏اية اشارات في البيت».‏ هذا يعني بأننا كبشر موءهلين لكي نتواصل ما بعضنا البعض و للتمييز بين الخير والشر و لفهم الآخرين واستيعاب حاجاتهم وأفكارهم وفرحم وحزنهم .

السوآل هو لماذا تخلينا عن هذه القدرات التي ولدت معنا والتي تجعلنا نتميز عن الحيوانات ؟ الجواب يكمن في أن الكثيرين منا لا يريدون أن يكونوا متساوين مع الآخرين من حيث العرق وألدين والمستوى الأجتماعي والأقتصادي والثقافي والديني ويرون في معتقداتهم ودينهم وعرقهم ولونهم الأفضل والأسمى .لم يعرف التاريخ حتى الآن مجتمعا يتساوى فيه الجميع،‏ فالبشر غير متساوين مطلقا،‏ ولا يزال التمييز الطبقي من خصائص المجتمع السائدة. فهل جلبت الطبقات الاجتماعية اية فوائد للمجتمع ككل؟ كلا. فالانظمة الاجتماعية الطبقية تقسِّم الناس،‏ مما ينتج الحسد،‏ البغض،‏ الحزن،‏ والكثير من سفك الدم. والمشكلة هذه اعطت للكثيرين من الذين يناضلون في سبيل تحقيق العدالة والمساواة الدافع والتصميم لكي يكونوا مثل طيور الفرّي يتواصلون مع اخوتهم من جميع الأمم لكي يكون لديهم هدفٍ واحد في توعية المجتمع البشري لكي يكون هناك تسامح وتقبل للآخر ولسن القوانين التي تساوي بين البشر ولانتخاب ممثلين لهم يعملون لاجل المساواة وليس لاجل مصالحهم الخاصة .

Dove

ولكن ما يجعل المساواة صعبة التحقيق هي بأننا عندما نطالب بالمساواة لا نطالب أن نتساوى من الذين هم أقل مستوى مادي منا …بكل وضوح ان ما يجعل المساواة صعبة التحقيق الى هذا الحد هو اننا لا نريد تحقيقها إلا بيننا وبين الناس الارفع منا منزلة.

السوأل الذي يطرح نفسه علينا جميعاً هو : من منا إتخذ قراراً شخصياً منذ قبل ولادته بالانتماء لتلك العائلة أو ذاك ألدين أو ذاك العرق ؟في الازمنة السالفة،‏ وُلد الناس عامّيين،‏ ارستقراطيين،‏ او حتى افرادا في أُسَر مالكة. ولا يزال الامر كذلك في بعض الاماكن. ولكن المال — او انعدامه — في معظم البلدان اليوم هو ما يقرر انتماء المرء الى الطبقة السفلى،‏ المتوسطة او العليا. وعلاوة على ذلك،‏ ثمة عوامل اخرى تقرر طبقة المرء الاجتماعية،‏ مثل العرق،‏ الثقافة،‏ ومعرفة القراءة والكتابة. وفي بعض الاماكن،‏ يشكل الجنس اساسا مهما لعدم المساواة،‏ لاعتبار المرأة من طبقة ادنى. لا يوجد إنسان على وجه الأرض قرر عن سابق تصور وتصميم أن يولد حيث هو الآن .فلماذا هذا التصلب والتعصب والتشبث بما لم تختره أنت وبما يجعلك فرداً متعصباً لدينك ولطائفتك ولعرقك وترى الآخرين أدنى منك مستوى وتطالب بنصف الوقت بالمساوات مع من هم اعلى منك مستوى مادياً ؟

طبعا،‏ لا تعني المساواة التماثل الكامل. فالرجال،‏ النساء،‏ الشيوخ،‏ والاحداث ممثَّلون جميعا في هذا المجتمع الذي يضم اشخاصا من خلفيات كثيرة عرقية،‏ لغوية،‏ قومية،‏ ومادية. وكأفراد،‏ يملكون مقدرات عقلية وجسدية شتّى. إلا ان هذه الفوارق لا تجعل البعض اسمى او ادنى من الآخرين،‏ بل تنتج تنوعا مبهجا. فكل الاشخاص الذين يدركون ان اية مواهب لديهم هي هبات من الله وليست سببا للشعور بالتفوُّق.

Dove

لذلك تقع علينا جميعاً مسئولية نشر الأفكار والمعلومات والتكلم أن التحديات التي نواجهها جميعناً كبشر مثل تلوث البيئة والحروب والتعصب الديني والعنصري ،والتصحر والجريمة المنظمة وتجارة الجنس الرخيص وجميعنا مسئولين أمام أطفالنا والاجيال القادمة لخلق بيئة انسانية منفتحة لا يكون الأنتماء والديني والطبقي والعرقي أساساً فيها ،انما تفصيل بسيط يغني ولا يفني ويكون مجتمع مدني قابل للحياة.

فلنتمثل بطير الفرّي وبالاطفال ولنخلق لغة مشتركة فيما بيننا لنتواصل ولنعيش ونستمتع بعطية الله …الحياة …

No comments:

Post a Comment