Thursday, August 4, 2011

عندما يأتي الوطن

يأتي الوطن

قاطعًا المحيطات

يأتي الذي لم ينسَ الطفل المهاجر

الطفل الذي سرقته الغربة والسنوات

يأتي الوطن إالي

محملاً بالاشواق والحب

والتمنيات

يأتي ليرتمي في حضني

ويسمعني كلمات

كلمات اشتقت لسماعها

آلاف المرات

يأتي ليؤكد انتمائي له

بالرغم من بعد المسافات

يأتي لابسًا ثوبه الخمري الاحمر

أتفيأ به ككرمة... تدلت عناقيدها طيبة المذاق

اتذوقه خمرة فاسكر

ويبدأ تسلق الاعماق

... نظرت اليه

رأيت النور الالهي يسكن بين حاجبيه

رأيت ما لم يرَ... وما لم أره كل تلك السنوات.....

ذهلت لما رأيت، سكرت بما تذوقت.... وداهمني الوقت

أتى الوقت فسمعت صوت الرب يغني

يشدو الحانًا

في حنجرة امرأة

امراة لولاها لما تعرفت الى وطني ... ولا الى أمي

ولا على حبيبتي....امرأة فتحت لي كل الآفاق

وبدأت تغني:

خدني ازرعني بأرض لبنان....

أذهلتني يا وطني.. لأنك دائمًا في المحبة السبّاق

تأتي فتقطع كل المسافات والمحيطات

تترك ارض الشمس لتأتي الى غربة الغربات

بكل رفقٍ .. ومحبةٍ.. وحنان

تنتشلني

وتأخذني لتغرسني في تربتك

ترويني بمياه حنانك

وتلوّن رمادية غربتي بأحمر شفاهك

تأتي لتعيدني الى الحياة

تعانقني وترسم على وجهي ابتسامة السعداء

لا تتعجب يا وطني ان فقدت نطقي

وإن أصبحت أخرسًا ... ولم أعد أتكلم كالببغاء

ما عادت الكلمات تصلح كي اعبّر عن شعوري

انظر الى براعم جسدي كيف تتفتح

انظر الى فراشات روحي كيف تغازل الوردات

انظر الى عيني كيف تحولت ملاعب للأطفال

كيف لكلماتٍ أن تصف شعورًا بهذا الحجم يا وطني

ان كنت تريد أن تعرف شعوري

انظر لوجوه الناس حولك يا وطني

ترى في وجوههم بُشرًا وفرحًا

لم يقدر أن يسببه لهم آلاف الانبياء.


No comments:

Post a Comment